Info MBJ

Matan Al-Wasa’il Al-Mufidah lil Hayatis Sa’idah #3

📆 Sabtu, 4 Jumadal Ula 1445 / 18 November 2023

‌‌[فصل في الأسباب الموجبة للسرور وزوال الهم والغم]

فصل 8 – ومن الأسباب الموجبة للسرور وزوال الهم والغم: السعي في إزالة الأسباب الجالبة للهموم، وفي تحصيل الأسباب الجالبة للسرور وذلك بنسيان ما مضى عليه من المكاره التي لا يمكنه ردها، ومعرفته أن اشتغال فكره فيها من باب العبث والمحال، وأن ذلك حمق وجنون، فيجاهد قلبه عن التفكر فيها وكذلك يجاهد قلبه عن قلقه لما يستقبله، مما يتوهمه من فقر أو خوف أو غيرهما من المكاره التي يتخيلها في مستقبل حياته، فيعلم أن الأمور المستقبلة مجهول ما يقع فيها من خير وشر وآمال وآلام، وأنها بيد العزيز الحكيم، ليس بيد العباد منها شيء إلا السعي في تحصيل خيراتها، ودفع مضراتها ويعلم العبد أنه إذا صرف فكره عن قلقه من أجل مستقبل أمره، واتكل على ربه في إصلاحه، واطمأن إليه في ذلك إذا فعل ذلك اطمأن قلبه وصلحت أحواله، وزال عنه همه وقلقه.

9 – ومن أنفع ما يكون في ملاحظة مستقبل الأمور: استعمال هذا الدعاء الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به: «اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، والموت راحة لي من كل شر» [رواه مسلم] .

وكذلك قوله: «اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت» [رواه أبو داود بإسناد صحيح] .

فإذا لهج العبد بهذا الدعاء الذي فيه صلاح مستقبله الديني والدنيوي بقلب حاضر، ونية صادقة، مع اجتهاده فيما يحقق ذلك حقق الله له ما دعاه ورجاه وعمل له، وانقلب همه فرحا وسرورا

[فصل في أنفع الأسباب لزوال القلق والهموم إذا حصل على العبد من النكبات]

فصل 10 – ومن أنفع الأسباب لزوال القلق والهموم إذا حصل على العبد من النكبات: أن يسعى في تخفيفها بأن يقدر أسوأ الاحتمالات التي ينتهي إليها الأمر، ويوطن على ذلك نفسه، فإذا فعل ذلك فليسع إلى تخفيف ما يمكن تخفيفه بحسب الإمكان، فبهذا التوطين وبهذا السعي النافع، تزول همومه وغمومه، ويكون بدل ذلك: السعي في جلب المنافع، وفي دفع المضار الميسورة للعبد.

فإذا حلت به أسباب الخوف، وأسباب الأسقام، وأسباب الفقر والعدم لما يحبه من المحبوبات المتنوعة، فليتلق ذلك بطمأنينة وتوطين للنفس عليها، بل على أشد ما يمكن منها فإن توطين النفس على احتمال المكاره يهونها ويزيل شدتها، وخصوصا إذا أشغل نفسه بمدافعتها بحسب مقدوره، فيجتمع في حقه توطين النفس مع السعي النافع الذي يشغل عن الاهتمام بالمصائب، ويجاهد نفسه على تجديد قوته المقاومة

للمكاره، مع اعتماده في ذلك على الله وحسن الثقة به، ولا ريب أن لهذه الأمور فائدتها العظمى في حصول السرور وانشراح الصدور، مع ما يؤمله العبد من الثواب العاجل والآجل، وهذا مشاهد مجرب، ووقائعه ممن جربه كثيرة جدا

[فصل: أعظم العلاجات لأمراض القلب العصبية والأمراض البدنية]

فصل 11 – ومن أعظم العلاجات لأمراض القلب العصبية، بل وأيضا للأمراض البدنية: قوة القلب وعدم انزعاجه وانفعاله للأوهام والخيالات التي تجلبها الأفكار السيئة؛ لأن الإنسان متى استسلم للخيالات؛ وانفعل قلبه للمؤثرات: من الخوف من الأمراض وغيرها، ومن الغضب والتشوش من الأسباب المؤلمة، ومن توقع حدوث المكاره وزوال المحاب أوقعه ذلك في الهموم والغموم والأمراض القلبية والبدنية، والانهيار العصبي الذي له آثاره السيئة التي قد شاهد الناس مضارها الكثيرة.

12 – ومتى اعتمد القلب على الله، وتوكل عليه، ولم يستسلم للأوهام ولا ملكته الخيالات السيئة، ووثق بالله وطمع في فضله- اندفعت عنه بذلك الهموم والغموم، وزالت عنه كثير من الأسقام البدنية والقلبية، وحصل للقلب من القوة والانشراح والسرور ما لا يمكن التعبير عنه، فكم ملئت المستشفيات من مرضى الأوهام والخيالات الفاسدة؛ وكم أثرت هذه الأمور على قلوب كثير من الأقوياء، فضلا عن الضعفاء؛ وكم أدت إلى الحمق والجنون! والمعافى من عافاه الله ووفقه لجهاد نفسه لتحصيل الأسباب النافعة المقوية للقلب؛ الدافعة لقلقه، قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3] أي كافية جميع ما يهمه من أمر دينه ودنياه

فالمتوكل على الله قوي القلب لا تؤثر فيه الأوهام، ولا تزعجه الحوادث لعلمه أن ذلك من ضعف النفس، ومن الخور والخوف الذي لا حقيقة له، ويعلم مع ذلك أن الله قد تكفل لمن توكل عليه بالكفاية التامة، فيثق بالله ويطمئن لوعده، فيزول همه وقلقه، ويتبدل عسره يسرا، وترحه (1) فرحا، وخوفه أمنا، فنسأله تعالى العافية، وأن يتفضل علينا بقوة القلب وثباته بالتوكل الكامل الذي تكفل الله لأهله بكل خير، ودفع كل مكروه وضير

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button